عربي ودولي
32
نتنياهو
الدوحة – موقع الشرق
أكد المحامي الفرنسي وخبير القانون الدولي جيل دوفير الذي يقود مبادرة تضم 300 إلى 400 محام من جميع أنحاء العالم لمقاضاة إسرائيل دولياً على جرائمها المستمرة في غزة، أن التعريف الدقيق للإبادة الجماعية تحقق تماماً في العدوان العسكري على القطاع، سواء تعلق الأمر بالحصار وانعدام الغذاء ومنع الوقود، أو كان متعلقاً بالإبادة عن طريق القصف والتهجير.
بخصوص ما يُتداول من أن “المحكمة لا تستطيع أن تفعل شيئاً لإسرائيل، لأنها لم تصادق على القانون الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية”، أوضح “دوفير” (وهو محام معتمد لدى الجنائية الدولية) في حوار مع الجزيرة أن “هذه أيضًا دعاية غير صحيحة”، لأن المحكمة في قرار مهم صدر في فبراير قالت إن فلسطين دولة، ودولة ذات اختصاص سيادي على الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، وإن تفويض الاختصاص للمحكمة صحيح. لذلك عندما تكون هناك جريمة على الأرض الفلسطينية، يكون هناك اختصاص للمحكمة، أياً كان الطرف الآخر، سواء أكان إسرائيل أم دولة أخرى، لافتاً إلى أن “هذا ليس هو الموضوع، المهم هو عنصر الجريمة على أرض الواقع”.
وأشار إلى أن المبادرة التي يقودها تطالب بفتح تحقيق في الوقائع المنسوبة لجيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، مضيفاً أن هذه المبادرة تأتي من المجتمع المدني، قائلاً: و”بعد أن رأينا ما يحدث، فإننا نفهم أن الأمر لا يتعلق فقط بالعدوان العسكري، إنها ليست مجرد جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، بل هي إبادة جماعية واقعية بلا خيار نظري أو فلسفي. ونحن نرى أن التعريف الدقيق للإبادة الجماعية متحقق في الاتفاقية الدولية وفي السوابق القضائية والمرجعية كما في حالتي سربرنيتسا والروهينغا”.
واعتبر أن الوضع المتعلق بفلسطين تتوافر فيه جميع معايير السوابق القضائية المتعلقة بالإبادة الجماعية، ومن ذلك النوع الأول منها الذي يتعلق بإبادة السكان. وهو مثال لإبادة اليهود في عهد هتلر، لكنها في فلسطين من نوع آخر، فهي إبادة متعلقة بتدمير مجموعة اجتماعية.
وعن حيثيات رفع الدعوى، قال دوفير إن المرجعيات متوفرة، مؤكداً أنها ليست مجرد رأيه الشخصي، ولكنها “حقيقة القانون، إن القاضي يقول إن المعتدي قطَع الكهرباء، ومنَع بعد ذلك الطعام وجوّع الناس، وهاجم بيوت المدنيين والمدنيين أنفسهم، وهناك أيضا تهجير السكان”، مشدداً على أن “كل هذه الأفعال تشير إلى نية خالصة لتدمير المجموعة العرقية، وبتجرد من الإنسانية، ومع كلام لا إنسانية فيه، يقول الاحتلال عن الفلسطينيين إنهم حيوانات وليسوا بشراً”.
خطة العمل
وعن خطة العمل التي تتبعها المبادرة، يبيّن المحامي الفرنسي أنه بعد أن “تحققت معايير الإبادة الجماعية عن طريق إبادة القوميات، فقد تحقق لدينا المفهوم القانوني لعملنا، ومن ثم نبدأ كتابة الشكوى ونرسلها إلى بعض المتعاونين معنا ولدينا اتصالاتنا، ثم نستغل تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي وجهود الناشطين. ولدينا الكثير والكثير من النتائج المرضية”.
وأضاف أن الجميع حول العالم مهتم بهذه القضية، “لأننا لا نستطيع أن نقبل أن نرى أمام أعيننا كل يوم قتل الشعب الفلسطيني، وتدمير المجتمع ولا شيء يمكن القيام به، لذلك علينا أن نذهب إلى العدالة”.
ويلخص قائد المبادرة الخطوات العملية لتحركهم بأن الفعل الأول كان الشهادة، “فنحن لسنا من الضحايا، ولكننا نراهم، وهذا يدفعنا إلى التوجه إلى القضاء، والآن نبدأ الفعل الثاني، وهو العمل من أجل الضحايا، ونتلقى توكيلات من الفلسطينيين في غزة، وهذا هو الوضع القانوني الذي يعد إبادة جماعية”.
والحديث إلى المدعي العام للمحكمة الجنائية “ليس مبالغة، لأن ضحايا غزة هم الذين يتحدثون إلى المدعي العام. لذلك، بدأنا بالحديث عن المستشفيات، ولدينا أيضًا أوضاع العائلات”. ويجب أن نقول “إن كل حالة في غزة ستكون لديها شكوى دقيقة وواضحة أمام المدعي العام”.
لا يمكن حجب الحقيقة
وفي رسالة قوية للمجتمع الدولي، خاطب المحامي بلده فرنسا وكل بلد في العالم والزعماء السياسيين قائلاً: “لا يمكنكم قول إنه لم يحدث شيء في فلسطين، لأننا -بصفتنا محامين مهنيين- نوضح لكم أن هذه حالة إبادة جماعية، ومن ثم فهذه مسؤوليتكم لأنها جريمة مكتملة الأركان، عندما تكون لدينا هجمات على المستشفيات، وهجمات على سيارات الإسعاف، وهجمات على المدنيين، وهجمات على الأطفال، والهدف تدمير المجتمع الفلسطيني، فعليكم أن تبتعدوا وألا تدعموا نتنياهو”.
واستدرك على ذلك بأن حق الحكومة أيضًا أن تقول “عليك أن تختار معسكرك: إما معسكر الإبادة الجماعية، أو العمل القانوني. لكن لا يمكنك أن تدلي كل يوم بخطاب منمق عن القانون الدولي وحقوق الإنسان وترضى بألا تقوم بأي شيء، بل تدعم الهجوم الإسرائيلي”.
مساحة إعلانية