محليات
202
مختصون لـ الشرق: أخطاء التشخيص الطبي تهدد حياة المرضى
هديل صابر
حمل مختصون ومواطنون الأطباء غير المهرة مسؤولية خطأ التشخيص الطبي، والذي ينتج عنه أضرار جسدية وخيمة قد تؤدي إلى عاهة مستديمة أو وفاة الشخص المريض. ونسبة للنتائج السلبية التي قد تنتج عن هذه الأخطاء قامت «الشرق» بطرح القضية على عدد من المختصين والمواطنين، إذ أكد محامون أنه لا يوجد قانون قائم بذاته يجرم الأخطاء الطبية بما فيها خطأ التشخيص وخطأ العلاج، إذ أن في حالات الأخطاء التشخيصية والطبية يتم الاستناد إلى بعض مواد قانون العقوبات القطري فضلا عن بعض المواد في قانون تنظيم ممارسة الطب البشري وطب الأسنان، مطالبين بأهمية استصدار قانون أو تشريعات للنظر في الأخطاء الطبية لاسيما مع تطور مهنة الطب. ورأى أطباء أن هناك خطوات أساسية لتقليل خطأ التشخيص كطلب رأي ثان من أخصائي متمرس لتأكيد التشخيص وخيارات العلاج المناسبة في حال تكررت الأعراض، وتأهيل الأطباء الممارسين العامين الجدد لتدريبهم على العلامات الحمراء للأمراض مما يسهم في تقليل أخطاء التشخيص. فيما أكد مواطنون أن الأطباء غير المهرة يتحملون كامل المسؤولية، وقال احد المواطنين، كانت لنجله تجربة مريرة مع خطأ التشخيص الأولي، إن نجله لا يزال يعاني من تبعات التشخيص الخطأ. هذا وكشفت دراسة حديثة في إقليم منظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط أن خطأ التشخيص يؤدي إلى فقدان الثقة في النظام الصحي وبالتالي الحيلولة دون الاستفادة من الخدمات الصحية، مما يهدد الجهود الرامية إلى زيادة إمكانية الحصول على الخدمات الصحية.
تأهيل الممارسين العامين
قال الدكتور محمد عشا-استشاري أمراض باطنة-، «إن الأخطاء الطبية في المجمل غير متعمدة، إلا أنها قد تنتج عن نقص في المعرفة أو عدد سنوات خبرة قليلة أو بسبب الإهمال»، وأشار الدكتور عشا إلى أن الأمر يتطلب تكثيف التأهيل للممارسين العامين الذين يعتبرون بوابة رئيسية لبقية التخصصات، أي أن تكرار الأعراض عند أحد المراجعين يتطلب من الطبيب زيادة آليات التشخيص فعوضا عن الاكتفاء بالفحص السريري من المهم إخضاع المراجع لفحوصات مخبرية أو التصوير بالأشعة لاكتشاف الأسباب، وفي حال عجزه من المهم توجيه المريض لطبيب آخر، وهذا الفعل لا ينتقص من قدرات الطبيب، سيما وأن الأطباء لا تتعامل مع جماد بل مع أرواح والخطأ في التشخيص قد يكلف المريض حياته.
وبين د. عشا أن خطأ التشخيص من تحديات مهنة الطب فهي ليس مقتصرة على دولة دون أخرى، بل هناك نسب متفاوتة بين الدول للتشخيص أو العلاج الخطأ، لذا يسعى الطبيب من واقع خبرته ودراسته بأن يتوخى الدقة ويستأنس بأكثر من رأي في الحالات المعقدة.
تعقيد الحالة المرضية
أكد الدكتور أحمد لطفي – استشاري روماتيزم ومفاصل – أن خطأ التشخيص ينتج عنه مضاعفات بليغة، لافتا إلى أن خطأ التشخيص لمرضى التهابات المفاصل – على سبيل المثال لا الحصر- قد ينتج عنه تشوه في المفصل فمن حالة بالإمكان علاجها في حال التشخيص الطبي الصحيح إلى حالة معقدة نتيجة التشخيص الخاطئ، مشيرا إلى أنه من واقع عمله فقد استقبل حالات تعاني من مضاعفات جسيمة نتيحة خطأ التشخيص، موضحا أن قرابة 3% من المرضى الذين يستقبلهم يأتون بعد معاناة طويلة مع الألم نتيجة لتلقيهم تشخيصا خاطئا.
وفي سؤال حول حجم الخسائر المادية والتكلفة العلاجية، أشار الدكتور لطفي إلى أنه أمام صحة المريض ليس للتكلفة المادية ثمن، مشيرا إلى أنه استقبل حالة لمريض مصاب بتشوه في المرفق والسبب التشخيص الخطأ لأحد الأطباء العامين الذي ظن أن الآلام أمر عارض، إذ وصف له مسكنات ألم، وكرر للمريض المسكنات إلى أن تفاقمت حالته الأمر الذي سيكلف المريض صحته، إلى جانب إخضاعه للجراحة، فهذه النتيجة كانت بسبب خطأ طبي.وشدد الدكتور لطفي إلى أهمية اتباع خطوات أساسية لتقليل خطأ التشخيص كطلب رأي ثان من أخصائي متمرس لتأكيد التشخيص وخيارات العلاج المناسبة في حال تكررت الأعراض، كما من المهم تأهيل الأطباء الممارسين العامين لتدريبهم على العلامات الحمراء لبعض الأمراض مما يسهم في تقليل أخطاء التشخيص.
أخطاء أدت للوفاة
أكد المحامي أحمد السبيعي أنه لا يوجد قانون خاص يتحدث عن الأخطاء الطبية، فهناك قانون بصفة عامة يتحدث عن الخطأ المهني بصورة عامة، كما أن هناك قانون رقم (2) لسنة 1983 بشأن مزاولة مهنتي الطب البشري وطب وجراحة الأسنان، وتحديدا المادة (18) لا يكون الطبيب مسؤولاً عن النتيجة التي يصل إليها المريض إذا تبين أنه بذل العناية اللازمة ولجأ إلى جميع الوسائل التي يستطيعها من كان في مثل ظروفه لتشخيص المرض والعلاج، ويكون مسؤولا إذا ارتكب خطأ ترتب عليه الإضرار بالمريض، وبخاصة في الأحوال الآتية: إذا كان الخطأ نتيجة جهله بأمور فنية يفترض في كل طبيب الإلمام بها سواء من حيث تشخيص المرض أو وصف العلاج المناسب، إذا كان سبب الإضرار بالمريض هو الإهمال أو عدم بذل العناية اللازمة، وإذا كان سبب الإضرار بالمريض هو إجراء الطبيب عليه تجارب وأبحاث علمية غير معتمدة فنياً. وأوضح المحامي السبيعي قائلا «للأسف الشديد تصلنا حالات لعاهات مستديمة بسبب التشخيص والعلاح الخطأ، وقد نظرنا بقضايا لأشخاص قد توفوا نتيجة الأخطاء الطبية، إذ إن أقسى عقوبة في الجرائم غير المقصودة 3 سنوات وغرامة مالية، والتعويض المالي إذا أصيب الشخص بعاهة مستديمة أو وفاة فالتعويض على حجم الضرر، فضلا عن حبس المتسبب وسحب رخصته والغرامة». وحول الآلية المتبعة في حالات خطأ التشخيص أو العلاج، أشار المحامي السبيعي إلى أن القاضي يحيل القضية إلى لجنة ثلاثية من أطباء لإعداد ما يسمى تقرير الخبير للتأكد من وقوع الخطأ، وتقوم اللجنة بعد التوصل للقرار بتوجيه تقريرها إلى المحكمة لإثبات ما إذا كان الطبيب أخطأ أم لم يخطئ.
قانون العقوبات
بدوره رأى المحامي فلاح المطيري أن في الأخطاء الطبية سواء بالتشخيص أو العلاج على المتضرر إثبات الحالة مباشرة، بفتح بلاغ بعد إثبات الضرر، فلابد من الشكوى أمام وزارة الصحة العامة لإثبات الضرر ومن ثم فتح بلاغ، موضحا أن قانون العقوبات يجرم الفعل الطبي الخطأ إذا أثبت الإهمال أو التقصير فعليا، فالمحكمة تشكل لجنة طبية أو ما يعرف بتقرير الخبير فيحيل الدعوة إلى لجنة طبية وبناء على التقرير القضاء يأخذ مجراه في إدانة الطبيب من عدمه، مشيرا إلى أن الحكم في هذه الحالات حكم جنائي تتولاه النيابة العامة وحكم مدني ليحصل به المتضرر على تعويض أو ذويه في حال وفاته.
تفاقم حالة ابني
تحدثت «الشرق» مع السيد محماس القحطاني، إذ يعتبر أبا لطفل قد تضرر بسبب خطأ في التشخيص، إذ تكررت أعراض الصداع الشديدة عليه وهو بعمر الست سنوات مع قيء متكرر فما كان من المنشأة الصحية إلا أن تعيد للطفل العلاج ذاته، إلى أن تفاقم الأمر لدى ابنه «محمد»، حتى توجه به إلى أحد المنشآت الخاصة في الدولة وبعد اخضاعه للتحاليل والتصوير المقطعي اتضح اصابته بورم في الدماغ، إذ إن تأخير التشخيص أسهم في زيادة حجم الكتلة السرطانية، لافتا إلى أن من المهم على الأطباء في المراكز الصحية في حال تكررت الأعراض على مريض أن يأخذوها على محمل الأهمية وطلب تحاليل للتأكد من الحالة، سيما وأن الدولة كفلت مجانية العلاج للمواطن.
قياس أداء الأطباء ضرورة
بين السيد راشد النعيمي أن من المهم متابعة مؤشرات الدول الكبرى في هذا السياق، لقياس هل الدولة ضمن الحد الأعلى أم الأدنى في أخطاء التشخيص، فضلا عن قياس أداء كل طبيب، إذ إن هذه المؤشرات تكشف مدى التزام القطاع الصحي بالمعايير العالمية، وتسهم في تحفيز الأطباء للاجتهاد في إبقاء الأخطاء التشخيصية أو الطبية في أدنى معدلاتها سيما وأن الأطباء يتعاملون مع أرواح، إلى جانب التدقيق على شهادات الأطباء والخبرات لحماية الأرواح.
مساحة إعلانية