محليات
352
حذروا من مخاطر السوشيال ميديا..
هديل صابر
وجه عدد من ذوي الاختصاص أصبع الاتهام للمناهج الدراسية في انخفاض وعي المراهقين حيال ما يختارون مشاهدته على مواقع التواصل الاجتماعي خاصين بالذكر تطبيق «تيك توك» الذي يعد الأوسع انتشاراً بين فئة المراهقين، لاستهدافه هذه الفئة من خلال ترويج عدد من التحديات أغلبها مميتة، فضلاً عن نقل أيِّ فكرة أو معتقد دون أدنى تقدير منهم على أنها تتناقض مع مجتمعاتهم. ورأى المختصون في حديثهم لـ»الشرق» أنَّ حجب تطبيق «تيك توك» ليس الحل، فوسائل التواصل الاجتماعي جميعها تقدم الغث والسمين، إلا أنَّ الحل الأمثل هو تعزيز دور الأسرة في التنشئة، إلى جانب دور المدرسة على أن تواكب المناهج الدراسية الثورة التكنولوجية التي أرغمت الجميع على التعامل معها وعدم إنكارها، حتى يستطيع المراهق أن تُنمى لديه ثقافة انتقاء ما يتناسب ومجتمعه وثقافته، وترك الغث دون أن يتطلب الرقابة المطلقة من الوالدين.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ تطبيق «تيك توك» من أكثر التطبيقات شعبية بين فئة المراهقين، وعادة ما يُروج لتحديات وكان آخرها هو تحدي «القفز من القارب» أو «كسر الأعناق» الذي توفي على أثره 4 مراهقين في ألاباما، ويعتمد التحدي على قفز الأشخاص من مؤخرة السفينة المتحركة بسرعة هائلة، إذ إنَّ التحدي المنتشر على تطبيق «تيك توك»، ينطوي على مشاركة الأفراد في أنشطة مائية خطيرة، وفقا لصحيفة ديلي ميل البريطانية.
د. ناصر اليافعي: حظر المنصة ليس حلاً
أكد الأستاذ الدكتور ناصر اليافعي- أستاذ الخدمة الاجتماعية بكلية الآداب جامعة قطر، أنَّ حظر «تيك توك» ليس الحل في محاربة ما يبثه من غث، لا سيما وأنه من المنصات الأكثر شعبية بين فئة المراهقين، إلى جانب عدم تبنيه لسياسات صارمة تحمي المستخدمين من الأطفال والمراهقين مما يحتويه من معلومات وأفكار لا تتماشى والمجتمعات العربية المحافظة. ورأى الدكتور اليافعي أنَّ الحل يتمثل في مواءمة المناهج الدراسية لما تفرضه متطلبات العصر، ورفع وعي الأطفال والمراهقين حيال كل ما يعرض عليهم لاختيار ما يتناسب معهم ومع ثقافتهم، دون أن يمس مجتمعهم، فضلا عن الرقابة والتوجيه والإرشاد من قبل الوالدين، وتقوية علاقتهما بأبنائهما حتى يمنحوهم مساحة للتعبير عن أنفسهم، وطرح كل ما يجول برأسهم من تساؤلات.
د. بتول خليفة: «المنصة» تُروج لتحديات قاتلة
رأت الدكتورة بتول خليفة – أستاذ الصحة النفسية المشارك غير المتفرغ بجامعة قطر، أنَّ «تيك توك» منصة ليست بالغث المطلق، بل تقدم السمين أيضا، إلا أنَّ الغث يتجلى في صورة معلومات غير دقيقة وغير حقيقية، وعادات شاذة عن عادات المجتمع العربي الشرق أوسطي، فضلا عن تحديات تدعو المراهقين إلى الانتحار، والغاية في المقام الأول الكسب المالي، بالنسبة لمن يقوم بالتحدي أو بترويج ما هو شاذ، وبالتالي يبدأ المشاهد من فئة المراهقين بمنطقتنا العربية بالتأثر، ويبدأون بالتحول للجانب غير الإيجابي، إلى جانب تمرير فكرة الكسب السريع، وبالتالي خفض الشغف حيال تحقيق الأهداف من خلال الدراسة، وكل هذا يراه المراهقون تحت مسمى «الترفيه» والتسلية. وأكدت أنَّ المناهج الدراسية بحاجة إلى وقفة جادة، وصياغتها بما يتناسب ومتطلبات العصر، وتعليم الأطفال والمراهقين كيفية الاختيار وانتقاء ما يتناسب وأفكارهم ومعتقداتهم وما يفيدهم وترك بمحض إرادتهم الغث وكل ما يتنافى والأعراف العربية، إلى جانب ضرورة تفعيل دور المساجد، من خلال الخطاب الديني الذي يواكب العصر ويرفع وعي الجيل ليتصدى للغزو الفكري.
عائشة الجابر: تغيير المناهج الدراسية ضرورة
دعت السيدة عائشة الجابر- خبيرة تربوية، إلى تغيير المناهج الدراسية من مرحلة الروضة، لافتة إلى أنَّ المناهج الدراسية الحالية في الميدان بحاجة إلى تنويع وتجديد في بعض المقررات الدراسية الموجودة كمادة التربية الإسلامية إذ كانت تحتوي على جرعة مركزة من القيم الدينية التي اتضح تأثيرها على أجيال الثمانينيات والتسعينيات، أما في الوقت الحاضر بعض المناهج لا تضم مواضيع تغرس في الطفل القيم الدينية والأخلاقية والاجتماعية والهوية الوطنية، فالمناهج بحاجة إلى صياغة جديدة، وإعادة النظر بالمقررات الحالية، فالحاجة ماسة للتجديد والتنويع لتضمين المناهج الدراسية ما يحاكي متطلبات المجتمع الآن، وتنويع المناهج بحيث تتضمن بعض القضايا التي تُعنى بالمجتمعات العربية والإسلامية للتصدي للأفكار الخارجية الهدامة التي لا تتناسب والمجتمعات العربية المحافظة. وشددت الخبيرة التربوية عائشة الجابر على أهمية دور الأسرة، لافتة إلى أنَّ تنشئة الجيل لا تقع على عاتق المدرسة فقط، بل على الوالدين دور مهم جدا في التوعية والتوجيه والنصح، والرقابة إذا لزم الأمر، واختيار المحتوى المناسب لأبنائهما لحمايتهم من كل ما يمرر لهم قد ينال من القيم والأخلاق المستمدة من الدين.
د. خالد المهندي: يعانون من أمراض نفسية وعقلية
قال الدكتور خالد المهندي- استشاري نفسي، «إنَّ من يقومون بالتحديات الخطيرة على منصات التواصل الاجتماعي «التيك توك» نموذجا يعانون من أمراض نفسية وأمراض عقلية كـ»مرض الزهو» – على سبيل المثال لا الحصر، لذلك بعض الأشخاص الذين يعانون من «الزهو» في حال لم يجد تفاعلا مع المتابعين يصاب بحالة من الاكتئاب كمشاهير منصات التواصل الاجتماعي أو من يقوم بأي عمل فيه تحد خطير، فبعض الأشخاص لا يفكر بالنتائج بل يتلذذ عندما يرى عدد المشاهدات والمتابعين بازدياد». وتابع د. المهندي قائلا «إنَّ سيكولوجية منصات التواصل الاجتماعي تتقاطع مع سيكولوجية المراهقين التي تعتمد على جناحي «الإثارة والتحدي»، فكلما استثار الشخص الناس كلما حظي بعدد من المتابعين وعدد من مرات الإعجاب على منشوره، فبعض رواد منصات التواصل الاجتماعي وطلبا في الشهرة قد يقوم بأفعال مشينة أو تحديات قاتلة بغرض الحصول على المشاهدات، فالمشكلة أنَّ لا حدود للإثارة ولا للتحديات على منصات التواصل الاجتماعي التي أيضا تتقاطع مع تفكير المراهق الذي يفكر بنهم لتحقيق لفت الانتباه من خلال الإثارة دون الالتفات إلى التبعات، إذ كل ما يُعرض على منصات التواصل الاجتماعي هو للفت الانتباه حتى وإن كان غير مألوف وقد يتعارض مع القيم والأخلاق، ويدعو للتمرد على عادات وتقاليد المجتمع لا لهدف إيجابي بل لهدف سلبي».
د. حمد فياض: عالم منفتح بدون قيود أو رقابة
شدد الدكتور حمد فياض- إعلامي، على أهمية تطوير المناهج الدراسية للتصدي لما تروجه وسائل التواصل الاجتماعي، وطرح مقرر في المدارس يناقش القضايا المعاصرة التي يفرزها المجتمع، وتدرس من قبل خبراء أكاديميين ليرفعوا الوعي لدى الطلبة بطرق التعامل مع قضايا مجتمعهم، لافتا إلى أنَّ المناهج الدراسية لا تزال محلك سر، ولا تحاكي متطلبات العصر. وأكد د. حمد أنَّ حظر منصات التواصل الاجتماعي ليس حلا، سيما وأنَّ العالم بات قرية عالمية صغيرة، وعالما منفتحا دون قيود أو رقابة، فقد يكون من الحلول هو التوقيع على ميثاق إعلامي لوسائل التواصل الاجتماعي والعالم الجديد، مشيرا إلى أنَّ هذا الميثاق لابد أن يدعم من الجهات المختصة، لتوعية المجتمع وتوجيهه نحو الاستخدام الإيجابي لمنصات التواصل الاجتماعي لحماية المجتمع من الغث الذي يُصدَّر من مجتمعات لا تشارك المنطقة العربية والخليجية ثقافتها أو منظومة قيمها الأخلاقية، إذ إنَّ القيود تصنع الرهبة وتدفع نحو الرغبة غير المسؤولة فالمجتمعات العربية والخليجية لا تزال محافظة على قيمها، لكن الحاجة ماسة للجانب الأكاديمي ليوجه ويرشد، مستشهدا بتجربة اليابان التي طورت مجتمعها ورسخت لمنظومة من القيم والأخلاق والالتزام من خلال المدرسة.
مساحة إعلانية