مختصون لـ الشرق: 30 % زيادة في نسبة مرضى الدعم النفسي

محليات
0
«ما بعد الصدمة» أكثر الاضطرابات شيوعاً..
هديل صابر
حذر مختصون نفسيون من التعرض المباشر للمشاهد العنيفة التي تبثها وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لتأثيرها المباشر على الصحة العقلية للفئات العمرية كافة. وأكد مختصون في تصريحات لـ «الشرق» أنَّ اضطراب ما بعد الصدمة أو ما يعرف بـالـ «PTSD» أحد أكثر الاضطرابات النفسية شيوعاً عند البالغين والأطفال على حدٍّ سواء في وقت الحروب والكوارث الطبيعية، لافتين إلى أنَّ زيارات مرضاهم لهم قد زادت بنسبة 30%، وأغلب الشكوى تتراوح ما بين حالات القلق ونوبات الهلع.
ودعا المختصون عبر «الشرق» أنَّ من يعانون من أي حدث مؤلم عليهم طلب المساعدة من ذوي الاختصاص المهنية إذا كان يشعر بقلق شديد أو حزن حيال تعرضه لصدمات نفسية، أو لديه ردود فعل تجاه أحداث صادمة، لافتين إلى أنَّ هناك بعض العلامات التي تشير إلى احتمال حدوث مشكلة هي:أن يكون الشخص دائمًا متحفزا أو سريع الانفعال، مواجهة صعوبة في أداء المهام في المنزل أو في العمل، عدم القدرة على الاستجابة عاطفياً للآخرين، أو الانشغال بشكل غير عادي لتجنب المشاكل والمعاناة من صعوبات شديدة في النوم.
د. خالد المهندي: الأطفال والنساء الأكثر تأثراً بالصدمات النفسية
قال الدكتور خالد المهندي –استشاري نفسي-، «إنَّ من يتأثر بالصدمات النفسية جرَّاء الحروب أوالكوارث أو فقد أعزاء بنسبة أكبر هم الأطفال والنساء، إلا أنَّ ولحسن الحظ هو أنّهم أكثر الفئات القادرة على التعافي والتأقلم مع صدمات الحياة، سواء في الحروب أو في الأحداث الحياتية القاسية.
لافتاً إلى أنهم يتمتعون بمرونة نفسية مع الصدمات، فيستطيعون أن يعيدوا توازنهم أسرع من الرجال الذين يتأثرون بالأحداث كثيراً إلا أنهم لا يتمتعون بالمرونة النفسية، إذ أنَّ تجاوز الصدمات يتطلب وقتاً».
وعرج د. خالد المهندي في حديثه على ما يعرف بسلم الصدمات النفسية في الصحة النفسية، إذ أن هناك أكثر من 3500 صدمة نفسية في الحياة تؤثر على هؤلاء الأشخاص، وينتج عن هذه الأحداث المحيطة من كوارث وحروب ما يعرف باضطراب ما بعد الصدمة الـ(PTSD) وهو مجموعة من ردود الفعل التي يمكن أن تتطور لدى الأشخاص الذين شاهدوا أو مروا بحدث صادم يهدد حياتهم أو سلامتهم (أو حياة وسلامة الآخرين من حولهم) وتبدأ الأعراض من 3 أشهر وتستمر إلى سنة، ونسبة الأطفال المتعافين 90% لمن لا يتعرضون للصدمات النفسية المستمرة، أما النساء يتعافون بنسبة 70%، أما نسبة التعافي عند الرجال قليلة جدا فقد تشكل 30% وأقل.
وحول تبعات الصدمات النفسية، أوضح د. خالد المهندي قائلا « إنَّ الأمراض الأكثر شيوعا هي الاكتئاب، القلق، التوتر والخوف، فحالات التوتر والاكتئاب والخوف بلغت نسبتها بين الأطفال 75%، وعند النساء مابين 55%-60% نسبة القلق وكلما تعرضت النساء لصدمات تعيد لديهن القلق والتوتر، أما حالات الاكتئاب نسبتها بين الأطفال من 8 سنوات إلى 12 سنة 65% تكون الأعراض البيولوجية واضحة كالتأتأة أو الصمت الاختياري.
د. لؤي المهر: زيادة حالات القلق ونوبات الهلع
كشف الدكتور لؤي المُهر-اختصاص بالطب النفسي-، إنَّ متلازمة الكرب هي وصف لأعراض نفسية لها علاقة بالخوف والقلق واضطرابات في النوم وكوابيس خاصة في حالة الخطر وقد يتطور الأمر إلى نوبات هلع، إذ أنَّ الأحداث العالمية المحيطة تؤثر على المزاج العام دون أدنى شك لذا هناك الكثيرين الذين يميلون إلى الحزن، بسبب ما يشاهدونه من أحداث حزينة جدا.
وبين د. المهر أنَّ الحالة المزاجية السيئة لها تفسير بكل تأكيد إذ أنَّ عند مشاهدة الأحداث المؤلمة أو الإحساس بالخطر هناك عدة هرمونات بالجسم ترتفع كالاندرينالين وهورمون الكورتيزول الذ يعد الأكثر خطورة عند ارتفاعه في الجسم فعند ارتفاعه يشعر الشخص بعدة أعراض جسدية ونفسية، فالأعراض الجسدية تتعلق بشعور بالإرهاق، تسارع في ضربات القلب، كما أنه يسهم في خفض التركيز وخفض مستويات السكر، فالكورتيزول يعمل ببطء ويبقى بالجسم لفترة أطول، أما هرمون الأنديريالين الذي يرتفع وينخفض بسرعة، إلا أن الانديرالين أعراضه تتعلق بالقلق الدائم والتوجس وتوقع الأسوأ، أو كوابيس ليلية، وتكرار المشاهد أو الأحداث المؤلمة في اليقظة مما يؤثر على المزاج فالبعض يصبح مزاجه حزين أو عصبي، أو يفقد المتعة في أي عمل يقوم به، ومشاعر بالذنب في لحظات التنفيس عن النفس في ظل أن هناك أشخاص يعانون في منطقة أخرى في العالم.
وأضاف د. المهر قائلا « إن أكثر الأعراض شيوعا بين المراجعين أصبح القلق ونوبات الهلع، كما أن هناك مرضى كان لديهم قلق إلا أن وبسبب الظروف الحالية اضطررنا أن نزيد من الجرعات الدوائية أو زيادة في الأدوية أو إدخال العلاج السلوكي المعرفي لخطتهم العلاجية.»
وعرج د. المهر في ختام حديثه على المشاكل النفسية التي قد تصيب الأطفال حال تعرضها لصدمات نفسية، سيما وأن الأطفال كائنات حساسة فيصابوا بالقلق والخوف، إلا أن تعبيرهم عن مشاعرهم مختلفة فقد تترجم باضطراب سلوكي، أو يعبر عنه باضطرابات بالأكل والنوم، أو من خلال التبول اللاإرادي، وأغلب علاجات الأطفال ليست دوائية بل سلوكية.
ودعا د. المهر من يشعروا بأي أعراض طارئة على حالتهم النفسية أن لا يترددوا في طلب المساعدة من المختصين من أطباء وأخصائيين نفسيين، مؤكدا أن العلاجات النفسية سواء كانت دوائية أو جلسات تعديل سلوك تسهم في تخطي الكثير من الاضطرابات النفسية الناتجة عن الصدمات، رافضا أن تكون الوصمة الاجتماعية حاجزا للحصول على المساعدة.
محمد كمال: على مرضى القلق تجنب الصدمات النفسية
حذر السيد محمد كمال-باحث وأخصائي علم النفس الاجتماعي-، الاشخاص الذين يعانون من اعتلالات نفسية من قلق واكتئاب بعدم التعرض للصدمات لنفسية، أو مشاهدة المشاهد العنيفة التي يتم تداولها عبر وسائل التواصل الاجتماعي جراء ما يحدث في العالم، والاكتفاء بالاستماع إلى الأخبار عبر الإذاعة لحماية صحته النفسية من التدهور.
وأكدَّ السيد محمد كمال أنَّ كل شخص يستطيع أن يقوم بدور من منطلق دوره في المجتمع، فيجب أن لايهمل دوره في المجتمع حيال عمله أو أسرته، وما يحدث في فلسطين لابد أن يكون حافزا لكل شخص حتى يقوم بدوره لتبقى القضية قوية، وعدم التذرع بالأحداث للإهمال أو تعطيل قوته وعدم القيام بدوره تجاه مجتمعه، وأن لا يشعر بالعجز، لذا من المهم أن يكتب كل شخص الأمور التي باستطاعته القيام بها خدمة للقضية، من الاستفادة من منصاته على وسائل التواصل للتوعية، أو التبرع للجهات الخيرية المعتمدة في الدولة التي يعيش بها، أو من خلال مهنته، فبهذه الطريقة يستطيع أن يخرج الشخص من دائرة العجز.
د. أحمد سعيد: ضرورة طلب المساعدة من المختصين
أوضح الدكتور أحمد سعيد-طبيب عام-، قائلا « إنَّ 70%من المراجعين باتوا يزيدون على شكواهم تدهور وضعهم النفسي، وتعد هذه النسبة طبيعية في ظل الأحداث التي تكتنف العالم خلال هذه الفترة، إلا أنَّ من المهم أن من يرى بنفسه عدم القدرة على التحمل، لاسيما من الأشخاص المصابين أو المشخصين باعتلالات نفسية، أو أشخاص شديدي الحساسية بأن يتجنبوا كل ما يبث على وسائل الإعلام أو وسائل التواصل الاجتماعي، ومتابعة الأخبار من خلال الإذاعة فقط، وتخصيص وقت محدد لهذا الأمر حتى يمارس الشخص حياته، حتى لايكون قوة معطلة، وحتى يحمي سلامه الداخلي من مجريات الأحداث.»
د. محمد عشَّا: تحذير أصحاب الأمراض المزمنة من القلق
حذر الدكتور محمد عشَّا- استشاري أمراض باطنة- أصحاب الأمراض المزمنة من التعرض لما يزيد من قلقهم وتوترهم في ظل الأحداث العالمية الجارية، مؤكدا أنَّ عددا منهم قد بدأ يهمل أدويته، أو ممارسة الرياضة، لافتا إلى أنَّ 30% من المراجعين يعانون من أعراض القولون العصبي، ارتفاع ضغط الدم سيما الأشخاص الذين لديهم أسر في الدول التي تعاني من بعض الأحداث السياسية.
وشدد د. محمد عشَّا على الأهالي وأولياء الأمور على عدم تعريض أطفالهم لهذه المشاهد، أو تقييد وصول المحتوى القاسي لهم، مع أهمية رفع الوعي لديهم بما يجري لكن بالطريقة التي تتناس بمعهم كأطفال وتتناسب مع فهمهم وإدراكهم كل حسب فئته العمرية.
مساحة إعلانية