محليات
2
الدكتور أسامة قيس الدريعي الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة
الدوحة – موقع الشرق
قال الدكتور أسامة قيس الدريعي الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة للاستشارات المالية إنه لا يمكننا أن نطلق على العملات الرقمية عموما أنها محرمة، بهذه الطريقة قد نحجم واسعا، بدليل أن كثيرا من دول العالم تسمح بها وتتعامل معها، ولكن الأزمة في موضوع العملة الرقمية أنها ليس لها ضامن، وليس لها جهة مصدرة نستطيع التحاكم إليها، وهذا الخوف الرئيسي لكل البنوك المركزية العربية والإسلامية.
وتساءل الدكتور أسامة في حواره مع الجزيرة نت عن ما هو مصدر هذه العملات في حال فقدانها؟ وما الغطاء المالي لها؟ ومن يضمن هذه العملات؟ كل هذه الأسئلة لم تجب عنها العملات الرقمية إلى الآن، وفي حال الإجابة ستصبح العملات الرقمية جائزة عند جميع البنوك الإسلامية.
وأكد أنه إذا كانت هناك مؤسسة أو كيان معتمد يضمن العملات الرقمية، فلا ضير في التعامل معها، فالعملات سواء كانت عادية أو مشفرة ليست مشكلة في التشريع، وليست أساسا في الحرمة، وإنما الحرمة في الغطاء والضامن، بمعنى أن الدولة تصدر العملة تحت غطاء الذهب، وهذا ما تفتقده العملات الرقمية المشفرة.
وعن الفرق بين البطاقات الائتمانية في البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية قال الرئيس التنفيذي لشركة بيت المشورة إن البطاقة الائتمانية في البنوك التقليدية تعتمد على “الربا”، بمعنى أن المال الذي تأخذه من هذه البطاقة هو قرض ولا بد له من فوائد والفائدة حرام، أما في البنوك الإسلامية فهي بعيدة عن “الربا”، ويتم التعامل من خلالها بعقود المرابحات وبالإجارة والقرض الحسن، وكل هذه العقود الشرعية التي تطبق في البنوك الإسلامية نحن نتعامل بها كل يوم ولكن دون أن نشعر.
وأشار أنه ووفق دراسات أجريناها وجدنا أن كل فرد منا يتعامل ما بين 3 و5 عقود شرعية يوميا لكنه لا يشعر بهذه العقود ولا كيفية تطبيقها، ومثال على ذلك “الشراء من البقالة”.. لو سألنا أنفسنا ما نوع العقد الذي بيننا وما بين صاحب البقالة؟ وكذلك محطة البترول والخياط وغيرهم.. هذه العقود البسيطة هي نفسها العقود المركبة المعقدة في البنوك الإسلامية، ولا تختلف إطلاقا، المختلف فقط هو الإجراء، فإذا فهمنا العقود التي نقيمها يوميا سيسهل علينا فهم تعاملات البنوك الإسلامية ومنظومتها.
وشبّه الدكتور أسامة البنوك الإسلامية في العالم بـ”تاجر” في سوق مالي ضخم وسط تجار آخرين عمالقة (البنوك التقليدية)، وهذا التاجر يتعامل وفق ضوابطه وضوابط الآخرين في الوقت ذاته، لكن دون أن يتنازل عن أي من أصول شريعته المالية الإسلامية.
وأكد الدريعي أن منظومة التمويل الإسلامي استطاعت الحفاظ على بنيتها وكيانها من السقوط والتعثر خلال الأزمات المالية العالمية لأنها محمية بقوة “الضوابط الشرعية”، وهي القوة التي حمت المنظومة المالية الإسلامية من الانهيار خلال أزمة “بيع الرهون” أو الديون في العام 2008، فمنظومة التمويل الإسلامي لا تدخل في عالم “بيع الديون” لأنها حرام.
وعن اتهام الإسلام بأن نظرته للمال نظرة تقييدية مقارنة بالأفكار الليبرالية والعلمانية التي تمنح المتعاملين حرية مطلقة في التصرف بالمال قال الدريعي إن الشرع الكريم حدّد “معايير” معينة للتعامل مع المال، فلا يوجد شيء في الحياة من دون أن تكون له ضوابط تنظمه وتحكمه، وإلا أصبحت القضية “فاشلة وغير فاعلة”، ومثال على ذلك، عندما تسير بالسيارة في الطريق تجد إشارات ضوئية أمامك ومطب صناعي وإرشادات طرقية، وهذه معايير مهمة لقيادة آمنة، وعليه: لا يمكن أن يكون المال عبارة عن مسألة سائبة يتعامل معها البشر بطريقة غير منضبطة.
وأضاف: وضع الشرع ضوابط محددة التعامل مع المال، وأمرنا بالانتباه لها في تعاملاتنا المالية، وأما ما تبقى من قضايا، فنأخذ ما شئنا ونتعامل كما نشاء وفق الضوابط، وهذا هو المعيار الشرعي الذي وضع معايير معينة للتعاملات المالية، وقال للمسلم قس عليها كل معاملاتك المالية، فإذا توافقت مع هذه المعايير افعل ما شئت، وإذا اختلفت فيجب قياسها بمعايير وضوابط أخرى، تُخرج لنا منظومة مختلفة من خلال ما تسمى بالهندسة المالية.
وأكد أن الهندسة المالية هي التي تعطي نظرة ثاقبة لتعاملات معينة، يخرج منها منتج مالي جديد قد لا يكون في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، على سبيل المثال “البطاقات الائتمانية”، وهي جانب من جوانب التكنولوجيا، لم تكن موجودة في عصر النبوة والصحابة.. فكيف كُيّفت هذه البطاقات الائتمانية؟ كيفت من خلال المعايير والضوابط التي وضعها الفقهاء، فنحن اليوم لا نحمل مالا، ولا نتعامل بالمال، وإنما نتعامل مع ما يسمى بـ”الديجتال ماني”، التي أعملت فيها المعايير الشرعية المنضبطة، وطبقت تطبيقا عمليا يسهل حياة الناس.
مساحة إعلانية