عربي ودولي
48
«البقرات الحُمر» تضع القدس على فوهة بركان..
القدس المحتلة – محمـد الرنتيسي
يمضي الاحتلال الإسرائيلي في غيه وغطرسته، محاولاً تغيير الوضع التاريخي القائم في القدس المحتلة، والمسجد الأقصى المبارك، حيث تكثفت أخيراً اقتحامات جيش الاحتلال وعصابات المستوطنين للحرم القدسي الشريف وساحاته، برفقة وزراء في البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) يتقدمهم الوزيران المتطرفان بتسلئيل سموتريتش، وإيتمار بن غفير، ويتخلل هذه الاقتحامات أداء طقوس دينية، وفق معتقداتهم الخرافية بأن هيكلهم المزعوم كان في هذه المنطقة، وأن المسجد الأقصى المبارك أقيم على أنقاضه. ليس ببعيد، تبدو مناطق الضفة الغربية كما لو أنها «ساحة حرب» فلا يكاد يمر يوم، دون أن تراق فيه دماء فلسطينية جديدة، أو يتم خلاله سرقة أرض، أو تدمير ممتلكات، غير أن الأنظار تشخص هذه الأيام نحو أولى القبلتين، وإلى محاولات عصابات المستوطنين (ذبح البقرات الحمر) في ساحات المسجد الأقصى المبارك، لـ(تطهيره) بدمائها، قبل الشروع ببناء الهيكل المزعوم على أنقاض الأقصى المبارك (وفق معتقداتها).
ذبح البقرات
حسب المعلومات التي رشحت لـ«الشرق» فقد أحضرت عصابات المستوطنين البقرات الخمس الحمر من الخارج، وشارك في استقبالها وزراء في حكومة الاحتلال، ويجري الاستعداد لذبحها داخل باحات وأروقة المسجد الأقصى المبارك، في أقرب فرصة، ولعل إحجام بعض عصابات المستوطنين عن اقتحام الحرم القدسي الشريف في الأيام الأخيرة، يعود لقناعتها ومعتقداتها، بأنه يجب أولاً (تطهيره) بدماء البقرات، قبل دخوله، وأن أي تجوال لهذه العصابات في ساحات الأقصى دون ذبح البقرات يكون على نجاسة..! ووفقاً لرئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس، خطيب المسجد الأقصى المبارك الشيخ عكرمة صبري، فإن المخطط لاقتحام المسجد الأقصى المبارك، وتدنيسه ومحاولات هدمه، بات وشيكاً، لا سيما وأن هذا يجري بالتعاون مع حكومة الاحتلال، لافتاً إلى أن اليهود المتطرفين، يتجاهلون أن تصرفاً كهذا، سيفجر غضب ملايين المسلمين في أرجاء العالم. وأبان صبري في تصريحات لـ «الشرق» أن ذبح البقرات في المسجد الأقصى المبارك، سيقود إلى ثورة الملايين في العالم غضباً وانتصاراً لمسرى رسول الله (صلى الله عليه وسلّم) مبيناً أن العالم بأسره يدرك معنى غضب المسلمين ودوافعه، حيال هذا التصرف الجنوني، وهذه الجريمة النكراء والخطيئة الكبرى.
صراع ديني
واستناداً إلى الكاتب والمحلل السياسي المقدسي راسم عبيدات، فإن حكومة الاحتلال مدركة تماماً للنتائج المتوقعة لاستمرار اقتحام المسجد الأقصى، والتي من شأنها إشعال المنطقة وتحويل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي إلى صراع ديني، لكنها تتجاهل هذه الحقيقة، وتعمي عيونها عنها، فتطلق أيدي المستوطنين نحو مزيد من الممارسات الاستفزازية، والتي يتخللها إساءة دينية ليس فقط لأولى القبلتين والمرابطين فيه من الفلسطينيين، وإنما لكل مسلمي العالم، الذين يرفضون المس بأرض الإسراء والمعراج ومقدساتها. ويؤكد المقدسيون أن القوة العسكرية التي يتغنى بها جيش الاحتلال ومستوطنوه، ستزول أخيراً، وستزول معها أوهامهم بالهيكل المزعوم، فهذه الأرض والمقدسات لن تكون إلا للفلسطينيين، وهم مستعدون للدفاع عنها، مهما تعاظمت التضحيات على أسوارها.
ضوء أخضر
ويومياً يمضي الاحتلال في جرائمه التي أصبحت لا تعد ولا تحصى بحق الفلسطينيين، فيقتل هنا ويعتقل هناك، يجرح في النهار، ويقتحم في الليل، ويمعن في مصادرة الأراضي وتوسيع المستوطنات، وكل هذه الممارسات، لا تتم إلا بضوء أخضر، بل وأوامر من قادته وحكومته، في سياق محاولات حسم الصراع بالقوة، لصالح مشروعهم الاستعماري، ولا يملك الشعب الفلسطيني الرازح تحت الاحتلال إلا مقاومة هذا البطش والإجرام بكل السبل الممكنة. يقول المقدسي جهاد شاور لـ»الشرق»: «يظن الاحتلال واهماً، أن الفرصة مواتية لتصفية الشعب الفلسطيني وقضيته، فيقوم بأوسع عمليات تطهير عرقي بحق أبناء شعبنا، غير أن هذا لن يثنينا عن الدفاع عن أرضنا ومقدساتنا، وسننتصر طال الزمان أم قصر». أضاف شاور: «المجتمع الدولي لا يحرك ساكناً تجاه جرائم المحتلين بحقنا، بل إن أمريكا والدول الاستعمارية تسير عكس التاريخ، ففي أحيان كثيرة، بدلاً من أن تفرض العقوبات على هذا الكيان، تزعم بأن لهذا الاحتلال الحق في (الدفاع عن نفسه) فتعطي هذا الحق للجلاد، وتنكره على الضحية، لكن شلال الدم الفلسطيني لن يزيدنا إلا إصراراً على انتزاع حقنا، والانتصار لمقدساتنا».
مساحة إعلانية