عربي ودولي
0
موائد إفطار الجالية العربية في إسطنبول.. أجواء من التآخي والنفحات الروحانية في رمضان
إسطنبول – قنا
أجواء مفعمة بالتآخي والتضامن وتمتين أواصر الود والمحبة والخير والعطاء والنفحات الروحانية العطرة، يتميز بها شهر رمضان المبارك في تركيا، حيث يتنافس محبو الخير فيما بينهم على نيل الأجر من إفطار الصائمين ويتسابقون على فعل الخيرات ابتغاء مرضاة الله في شهر الخير والبركة.
وتعيش العائلات العربية في تركيا في الشهر الفضيل تجربة فريدة ومميزة، تعكس التنوع والتعدد الثقافي والديني في المجتمع التركي، حيث تعزز أجواء شهر رمضان العلاقات الاجتماعية والعائلية، ويجد المقيمون العرب في تلك الأيام المباركات فرصة لتعزيز الروابط الاجتماعية وتقوية العلاقات بينهم وبين المجتمع التركي المحيط بهم.
وتشكل موائد الافطار الرمضانية فرصة سانحة للقاء الأحبة من أنحاء مدينة إسطنبول المترامية الأطراف.. ولعل أبرز مثال على ذلك وقف دار السلام الذي يجد فيه الكثيرون فرصة للتعارف وتوثيق الروابط بين أفراد الجالية العربية في اسطنبول والاستمتاع بالأجواء الرمضانية المتميزة.
وكالة الأنباء القطرية /قنا/ التقت غزاون المصري رئيس وقف دار السلام في إسطنبول، الذي تحدث لها عن الفعاليات والأنشطة التي ينظمها الوقف خلال شهر رمضان المبارك، ومنها موائد الافطار الجماعية لأبناء الجالية العربية الذين يعيشون في العديد من المدن التركية، وخاصة إسطنبول التي تشهد تجمعات كبيرة للعرب.
وأوضح المصري، في تصريحاته لـ /قنا/، أن وقف دار السلام منذ تأسيسه في العام 1995 وحتى الآن، يقوم بعمل موائد إفطار جماعية يجتمع عليها أبناء الجالية العربية الطلاب ورجال الأعمال يوميا طوال أيام شهر رمضان المبارك، مؤكدا أن الهدف من مثل تلك الموائد هو تعزيز التضامن والتآخي بين المغتربين العرب، والاستمتاع بالأجواء الرمضانية الممزوجة بالتقاليد العربية الأصيلة، بمشاركة العائلات والطلاب من أبناء الجالية العربية.
ونوه بتنظيم الجمعيات العربية الأخرى في إسطنبول برامج ترفيهية وثقافية خلال موائد الإفطار الجماعية، مشيرا إلى أن هذه الفعاليات تشكل فرصة للتعارف بين أفراد الجاليات العربية في تركيا، وتبادل الخبرات والتجارب فيما بينهم، لا سيما وأن الجميع يلتفون حول موائد الإفطار في بهجة وسرور ويستمر التواصل ويتجلى التراحم في المساعدات العينية التي تقوي أواصر المحبة بين أفراد الجالية العربية في اسطنبول.
من جانبه، قال الدكتور فيصل الصافي رئيس جمعية الحكمة، أكبر الجمعيات العربية في إسطنبول، لوكالة الأنباء القطرية /قنا/، إن أبناء الجالية العربية التي يقطن قسم كبير منها في مدينة اسطنبول يستقبلون شهر رمضان المبارك كما هو الحال في بلادهم العربية بمظاهر يغلب عليها الجو الرمضاني.
وأضاف أن جمعية الحكمة، التي تأسست في العام 2002 بإسطنبول، كانت بمثابة المظلة التي تجمع العرب الوافدين إلى تركيا وخاصة إلى إسطنبول خصوصا منهم الطلبة الذين يأتون من أجل الدارسة في تركيا.. مشيرا إلى أن الجمعية تنظم منذ تأسيسها العديد من النشاطات لأبناء الجالية العربية، وتأتي في مقدمة فعالياتها موائد الافطار الرمضانية.
وأكد أن هناك بعض الفعاليات تشترك المؤسسات والجمعيات الخيرية في تنظيمها، وحتى في بعض الأحيان يكون هناك موائد إفطار جماعية تنظمها البلديات التركية يمكن لأي شخص الانضمام إليها والاستمتاع بالأجواء المتميزة فيها، حيث يتجمع أبناء الجالية العربية على تلك الموائد بعيدا عن صخب العمل والروتين اليومي ويلتقون الأصدقاء والأحباب على الموائد التي تلم شملهم خلال شهر رمضان المبارك بحضور العلماء والمربين الأفاضل في برنامج تربوي ديني.
وأشار إلى أن هذه الأجواء الرمضانية تعد جزءا من الواقع المعاش لأبناء الجالية العربية في إسطنبول، حيث تساهم التجمعات على موائد الإفطار الرمضانية في تمتين وتعزيز أواصر النسيج العربي بشكل خاص وتمنحه مناعة قوية ضد ظاهرة الانسلاخ عن مقومات الهوية في شهر الصيام والعبادة، في لوحة بديعة ترسم التواصل والتضامن بين مختلف أبناء الجالية العربية.
وتعد منطقة /الفاتح/ في إسطنبول واحدة من أهم المعالم التي تجمع أبناء الجالية العربية وتعكس تنوع الحضارات التي تسكن في هذه المدينة العريقة، التي تقدم صورة كاملة للجمال الذي يخلقه هذا التنوع، فهناك كم هائل من خيارات الإفطار والسحور، في العديد من المطاعم العربية المنتشرة بين أزقة وشوارع منطقة الفاتح القديمة.
وعلى الرغم من اختلاف جنسياتهم، يحرص أبناء الجالية العربية في إسطنبول على الاحتفاظ بالعادات والتقاليد الإسلامية خلال شهر رمضان إذ لا تزال كل أسرة عربية تحتفظ بتقاليد مجتمعها الذي قدمت منه إلى تركيا وتعمل على إحيائها،كما أن من أهم عادات العرب في إسطنبول خلال شهر رمضان إقامة موائد إفطار جماعية تركية – عربية تتبعها صلاة التراويح، ما يعد مناسبة مهمة لتحقيق التقارب الاجتماعي بين أفراد المجتمع التركي العربي.
ويتميز الشهر الفضيل في تركيا بالتضامن والتآزر بين أفراد الجالية العربية، ويشعر الأفراد بالقرب من بعضهم البعض من مختلف الجنسيات، حيث يتجمع الكثير من العرب سواء العائلات أو الأصدقاء خلال شهر رمضان على وجبات الإفطار والسحور، ويشاركون بعضهم البعض في الطهي وتقديم الأكلات الشهية، كما يعتبرونها فرصة كبيرة للاستمتاع بالأجواء العائلية التي تهون عليهم الغربة عن أوطانهم، وهناك من يتطوع لتقديم الوجبات للصائمين من المحتاجين تضامنا معهم في هذه الأيام المباركة.
وبالإضافة إلى دور موائد الإفطار الجماعية في التقريب بين جميع أبناء الجالية العربية ولم شملهم في ظل الأجواء الرمضانية المتميزة، فإن العائلات العربية في تركيا تعيش تجربة مميزة من حيث التعرف على التقاليد والعادات الدينية والثقافية المحلية في تركيا، وتتعرف على تاريخ البلد وثقافته وتقاليده وتتعلم كيفية الاحتفاء بها والتعامل معها.
مساحة إعلانية