محليات
54
مواطنون ومختصون لـ الشرق: الرفاه الاقتصادي يسبب مشكلات نفسية للشباب
هديل صابر
أجمعت آراء عدد من المواطنين حول الأسباب التي تدفع بالشباب من عمر 24-35 عاما للحصول على خدمات الصحة النفسية بناء على تقرير نشرته مؤسسة حمد الطبية في منتصف شهر أبريل 2023، على أنَّ غياب دور الأسرة ولاسيما الوالدان ليس على وجه التعميم بل التخصيص، اللذان يعتقدان أنَّ متطلبات الأبناء تقتصر على توفير المتطلبات المادية المجردة من دور الأسرة في العطاء من حب ومشاعر إلى جانب تهذيب السلوك، والإرشاد والتوجيه في كل مرحلة من مراحل نمو الأبناء، فضلا عن الرفاه الاقتصادي الذي رآه البعض أنه أحد الدوافع التي دفعت بالشباب للإصابة بالاضطرابات النفسية من اكتئاب أو قلق أو وساوس قهرية، مشيدين بوجود خط ساخن لتقديم خدمات الصحة النفسية يسهم في تخطي الوصمة الاجتماعية العالقة بالإصابة في أي اضطراب نفسي.
ورأت بعض الآراء خلال استطلاع لـ”الشرق” أنَّ لجوء الشباب لخدمات الصحة النفسية مؤشر يدل على وعي هذه الفئة بضرورة اللجوء لخدمات الصحة النفسية في حال الشعور بأي خلل نفسي، أو بغرض الاستشارة، مع ضرورة تجنب اللجوء لغير المختصين.
ورأى السيد محمد كمال-باحث وأخصائي علم النفس الاجتماعي-، أنَّ هناك حزمة من الأسباب التي تدفع بالشباب للحصول على خدمات الصحية النفسية، أهمها فقدان الهُوية، ووتيرة الحياة السريعة التي تجعلهم تحت ضغوط مختلفة، لافتا إلى أنَّه وفقا لمنظمة الصحة العالمية فإنَّ 30% من الاضطرابات التي تبدو على الشباب منشأها مرحلتا الطفولة والمراهقة.
محمد كمال: المنغصات الأسرية السبب
أكدَّ السيد محمد كمال- باحث وأخصائي علم النفس الاجتماعي-، محمد كمال أنَّ الدراسات العلمية تشير إلى أنَّ الاكتئاب والقلق من أكثر الاضطرابات النفسية التي تصيب الشباب في منطقة الخليج ومن بينها دولة قطر، لافتا إلى أنَّ هذا النوع من الاضطرابات سببه فقدان الهُوية، إلى جانب عدم معرفة الشاب ما هو دوره في الحياة؟، وما هي رسالته؟، وهذا الأمر ينتج عن غياب دور الأسرة في توجيه أبنائها، إذ إنَّ الأبناء الذين يوجدون في أسر غير مستقرة عادة ما يعانون أكثر من غيرهم من الأقران ممن هم في عمرهم، والاستقرار الأسري ليس بالضرورة عدم الانفصال في حال تطلب الأمر ذلك، بل الاستقرار يعني أن يحيا الأطفال حياة مستقرة بعيدا عن المنغصات والمشاكل التي عادة ما تقع بين الزوجين، كما أنَّ البطالة خاصة ما بعد التخرج قد تسهم في إصابة الشباب ببعض الاضطرابات النفسية خاصة من ليست لديهم خطط بديلة، والهشاشة النفسية بسبب الرفاه الاقتصادي، إذ أنَّ الشغف عادة ما ينعدم عند هذه الفئات بسبب توفر كل متطلباتهم.
وأشار إلى أنَّ وجود خط المساعدة النفسية من الحلول التي تكسر حاجز صمت الكثيرين الذين يعانون مع أنفسهم، إذ إنَّ السواد الأعظم من الفئات لديهم خشية أن تعرف هُوياتهم أو أن يفتح لهم ملف في مستشفيات الصحة النفسية، لذا الخطوط الساخنة تضع حدا للوصمة الاجتماعية، لافتا في حديثه إلى أنَّ أيضا التدين لا يتعارض مع إصابة الشخص باضطرابات نفسية، لذا من المهم رفع الوعي في هذا الجانب، حتى يتم تشجيع الجميع ممن يحتاجون لمساعدة نفسية للوصول للمختصين وليس لغيرهم، كما لابد من إكساب الأبناء القيم السليمة التي تحميهم من الاضطرابات النفسية، فضلا عن أنَّ الاستقرار الأسري من العوامل التي تسهم في خلق أبناء أسوياء.
راشد النعيمي: مؤشر وعي بين الشباب
رأى راشد النعيمي، أنَّ رغبة فئة الشباب في البحث عن مساعدة فيما يتعلق بالصحة النفسية يعد من المؤشرات الصحية، كما أنه يقيس درجة المجتمعات في أن يلجأ كل من يحتاج لاستشارة نفسية للمختصين، وهذا الأمر يختلف عما كانت عليه المجتمعات في السابق التي كانت لا تسمي الأمور بمسمياتها كالإصابة بلعين أو الحسد، لذا رصد هذه الفئة من عمر 24-35 الأكثر طلبا للمساعدة النفسية يؤكد مدى وعي الجيل بدور الصحة النفسية، وهذا الأمر له أفضلية من اللجوء إلى الأقران أو غير المختصين، لتبعاته السلبية، التي تؤدي إلى انحراف السلوك.
وأوضح النعيمي قائلا “إنَّ ما يدفع البعض للجوء للمختصين النفسيين هو عدم تأهيل الجيل لمواجهة منغصات الحياة، فعندما يواجه أول مشكلة في حياته يدخل بحالة من الاكتئاب وعدم القدرة على التعاطي وحل المشكلة، لذا من المهم لهذا الجيل أن يحصل على الخبرة من الوالدين ومن هم من أصحاب الخبرة.”
وحمل راشد النعيمي بعض وسائل الإعلام والمسلسلات مسؤولية خشية الأفراد من التوجه للأخصائي النفسي، لترويج صورة عن الطبيب النفسي أنه مجنون أو انه هو ذاته يعاني من اضطرابات نفسية، الأمر الذي رسخ في أذهان الكثيرين وأسهم في خشية البعض لطلب المساعدة النفسية من الجهات المختصة.
محمد المير: انشغال الوالدين السبب
أكدَّ محمد المير، أنَّ الأسباب وراء لجوء الشباب لخدمات الصحية هو انشغال أولياء الأمور عن أبنائهم، إذ بات دور الوالدين مقتصرا على تلبية احتياجات الأبناء المادية، وتوفير كل احتياجاتهم دون إحساسهم بالمسؤولية ودون الاستماع إلى احتياجاتهم الأخرى التي تختلف باختلاف المرحلة العمرية، إذ إنَّ الأطفال يحتاجون لمتطلبات ليس فقط توفير متطلباتهم المادية، كما المراهقين الذين يمرون بمرحلة حرجة في التعرف على الذات والسعي نحو إثباتها، لذا إغفال الوالدين لهذا الجانب يسمح بإصابة الأطفال والمراهقين باضطرابات نفسية تتضح في عمر الشباب، مما يجعلهم غير قادرين على الإفصاح عما يشعرون لأنهم لم يعتادوا على أن يستمع إليهم أحد من أفراد العائلة، فالفطن يلجأ للمختصين أما السواد الأعظم فيستمع لنصيحة أقرانه التي غالبا ما تكون سببا في هلاكه.
أحمد الجاسم: اللجوء للمختصين القرار الأصوب
قال أحمد الجاسم “إنَّ الرفاه الاقتصادي، وتوفير كافة الاحتياجات لهذه الفئة مع غياب الأسرة ودورها، أسهم في أنَّ الشباب غير قادر على وضع خطة له أو هدف يسعى إلى تحقيقه، وبهذا يكون قد فقد الشغف، وفقدان الشغف يخلق فردا غير واع لدوره ورسالته في الحياة، وبالتالي الارتطام بمشكلات الحياة التي تقوده للإصابة بالاضطرابات النفسية كالاكتئاب والقلق والوساوس، كما أنَّ غياب دور الأسرة وتوجيه الوالدين يجعله شخصا غير مكترثا لقضايا مجتمعه الأمر الذي يزيد الطين بلة في إحساسه بانعدام دوره في المجتمع وبالتالي يضاعف من الاضطرابات النفسية لديه”.
وخلال حديثه نصح أحمد الجاسم بأهمية اللجوء إلى المختصين لأخذ الاستشارة وتجنب البحث في محركات البحث جوجل، أو الاستماع إلى نصائح الأقران التي في غالب الأمر لا تقود إلا للانحراف.
محمد السقطري: اختيار الحلول الأسرع دلالة على هشاشة نفسية
كانت وجهة نظر محمد السقطري مختلفة، إذ رأى أنَّ غياب الحقوق الأساسية من توفير مسكن وعمل وصحة وتعليم يسهم في اقتياد الشباب لليأس والإحباط وبالتالي إلى العديد من الاضطرابات النفسية من الاكتئاب والقلق، كما أنَّ عدم تدريب الجيل الجديد على آليات مواجهة الحياة يسهم في هشاشتهم النفسية التي تتأثر مع أي رياح عاتية لمشكلة تواجهه في حياته في أسرته أو في عمله أو في زواجه، لافتا إلى أنَّ الكثير من الشباب وبسبب قلة مهاراته الحياتية فعند الزواج يصطدم بحجم مسؤوليات لم يكن يتوقعه هو، فالحل الأسرع هو الطلاق، فردة فعله الضعيفة تنتج مشاكل نفسية له ولمن كانت زوجته، لذا على الشباب مهمة امتلاك مهارات لمواجهة الحياة لحمايتهم من الاضطرابات النفسية.
مساحة إعلانية