اقتصاد محلي
8
❖ حسين عرقاب
نشرت شركة Mordor Intelligence الإيرلندية الرائدة في تحليلات الأسواق عبر موقعها الرسمي تقريرا أكدت فيه النمو الكبير الذي شهده القطاع الزراعي في قطر خلال المرحلة الماضية، مقدرة نسبة النمو خلال العام الجاري بحوالي 5.47%، وهو معدل التطور السنوي المركب لهذا النشاط في الدوحة إلى غاية عام 2028، حسب ما أعلنت عنه العديد من الجهات المهتمة بحال القطاع الزراعي على المستوى الدولي، واصفا حجم النمو الذي سجله المجال في قطر بالمميز، وغير المتوقع بالنظر إلى العديد من المعطيات، أولها وضع هذا النوع من الاستثمارات في الدولة قبل أعوام قليلة من الآن، حيث كانت تعتمد قطر في تلك الفترات على إستيراد الخضراوات والفواكه بكميات ضخمة من مختلف دول العالم من أجل سد حاجيات أسواقها، وهو ما لم يعد موجودا اليوم مع القفزة النوعية التي صاحبت الزراعة من الدوحة من حيث الكم والكيف.
حجم السوق
وقدر التقرير حجم السوق الزراعية في قطر بـ 162 مليون دولار أمريكي، أي ما يعادل حوالي 590.09 مليون ريال قطر، متوقعا أن يصل إلى 211.53 مليون دولار أي 770.13 مليون ريال قطري بعد أربعة أعوام من الآن، إذا ما استمر في السير وفق ذات النهج التنموي خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو الأقرب في ظل الحرص الحكومي الكبير على تطوير هذا القطاع، والسير به نحو بلوغ نتائج أفضل تماشيا مع رؤية قطر 2030، التي ترمي من خلالها الدولة إلى تعزيز مكانتها كأحد أفضل دول العالم في جميع القطاعات، بما فيها الأمن الغذائي، الذي يجب أن يتم الاعتماد في تحقيقه حسب المخططات الحكومية الرشيدة، على المزج بين الإنتاج الوطني والاستيراد، مع إعطاء المساحة الأكبر للمواد الغذائية المنتجة وطنيا من خضراوات وفواكه أو بضائع معلبة.
نجاح الإستراتيجيات
وبين التقرير نجاح الاستراتيجيات التي اعتمدتها قطر في إطار بلوغ التطور الزراعي المرغوب فيه خلال الأعوام القليلة الماضية، من خلال الاستناد على بعض الأرقام والبيانات المتحصل عليها من طرف الجهات المسؤولة عن هذا المجال في الدوحة، ومن بينها وزارة البلدية والتي كشفت عن نمو انتاج الخضراوات المحلية من 66000 طن متري إلى 103000 طن متري منذ عام 2021، مشيرا إلى إمكانية تسجيل معدلات أفضل خلال ذات الفترة، لولا أزمة انتشار فيروس كورونا المستجد، التي عرقلت عمليات النمو التي كانت تشهدها مختلف القطاعات، وليس الزراعة فحسب، وذلك على المستوى العالمي وليس المحلي.
نسب المشاركة
وذكر التقرير أنه وبناء على المعطيات التي تم الوصول إليها من طرف مختلف الجهات، فإن نسب مشاركة الخضراوات والفواكه في تمويل السوق المحلي خلال هذا العام بلغت 40 %، وذلك في إجمالي المنتجات الوطنية التي طرحت في الأسواق، بينما تمكنت التمور الوطنية من سد 86 % من الطلبات الداخلية، مع احتمالية وصولها إلى 95 % نهاية العام، متوقعا أن تبلغ نسبة مشاركة الخضراوات المحلية في تغطيات حاجيات الأسواق في قطر إلى حدود 70 % بحلول سنة 2028 التي ستكون شاهدة على لعب الخضراوات والفواكه المحلية الدور الأكبر في تمويل أسواق التجزئة في الدولة، متفوقة على نظيراتها القادمة من الخارج.
الأساليب المتبعة
وأشار التقرير إلى أبرز الطرق التي مكنت قطر من تحقيق مثل هذه النتائج، التي قد يصعب على العديد من الدول المشابهة لها مناخيا تحقيقها، بسبب الحرارة المرتفعة وملوحة المياه الباطنية، وهما العقبتان التي تمكنت قطر من تجاوزهما عبر التوجه إلى مجموعة من الأساليب المميزة والعالية الفعالية، وفي مقدمتها البيوت المحمية التي تعد واحدة من بين أهم الأعمدة التي بنت عليها الدوحة تطورها الزراعي، حيث تم تغطية مساحة 191.5 هكتار بالبيوت المحمية خلال السنوات القليلة الماضية، وهو ما أعطى المزارعين المحليين القدرة على ضمان الإنتاج السنوي وتجاوز مرحلة الموسمية، حيث بات بإمكان المزارع القطرية توفير مختلف المحاصيل الزراعية بصورة دائمة، ومن بينها الطماطم التي تعتبر المنتج النباتي الأكثر وفرة بـ 32.555.1 طن متري، وهي الحصيلة التي من شأنها تلبية طلبات السوق المحلي بالكامل في هذا المنتج، بالذات في مواسم الذروة، وكذا تصدير الفائض منها لبعض الأسواق القريبة منها كالعراق وسلطنة عمان، بالنسبة لبعض المزارع العملاقة في قطر وصاحبة أكبر حصة انتاج في الطماطم، بالإضافة كل من الخيار والكوسة.
أحدث التقنيات
وشدد التقرير على استمرار الدوحة في السير على الطريق الصحيح في القطاع الزراعي بالذات، الذي سيحافظ على معدلات نمو خلال المرحلة المقبلة، في ظل اتجاه المزارعين القطريين نحو الطرق الجديدة في هذا العالم، والاعتماد على أحدث التقنيات الزراعية المستخدمة في أكبر دول العالم، والتي تعتمد في الأساس على التحول التكنولوجي الذي من شأنه ضمان إكمال المحاصيل الزراعية لدورات النمو الخاصة بها، والتغلب على المشاكل التي تواجهها، ومن بينها الحرارة المرتفعة أحد الخصائص التي تتسم بها الدوحة، والتي لا يمكن تجاوزها إلا بالارتكاز على آخر الابتكارات الزراعية، ومتابعتها بشكل دقيق من أجل استقطابها إلى قطر واستعمالها بالشكل الصحيح والسليم من أجل الحصول على الأرقام المرجوة في هذا القطاع، الذي يعد أحد أبرز أعمدة رؤية قطر 2030.
مساحة إعلانية